مفهوم الشعرالشعبي:
إن مصطلح "الشعر" هو ملفوظ وبناء لكلمات ومفردات ذات طابع مقصود في الذات البشرية ترتبط بالتذوق والأحاسيس واللسان والمعرفة والثقافة ،يعبر بها المرأ عن أشياء موجودة تحياداخل ذاته ،ومهما اختلفت التعاريف ،فإن الشعر يبقى يترجم ماهو داخلي من تصورات وأفكار إلى الآخرين مستعملا مفردات اللغة ،ماقيل من تعريف للشعر فانه ينطبق على الشعربنوعيه العامي والفصيح يشتركان في نفس مجال القول الذي نعني به الأغراض وتتكون دلالة الشعر الشعبي من مفردة الشعبي.
يعتبر الشعرالشعبي مجموعة من كلمات مرتبطة ببيئة الشاعرالعامة يستخدم فيها الأساطير والمغازي والواقع المعاش بلهجة محلية يطرح فيها قضايا متنوعة في إطار إقليمي .
يقصد بالشعرالشعبي تلك التعابيرالمنظومة التي تؤدى بالكلمات أو الإبداعات الشفوية بلغة العامية أو الدارجة والتي كثير مالا تستعمل فيها حروفا في بعض الأحيان غير معجمه، كالتي ورد ذكرها في لسان العرب لابن المنظور, ومن بين العناصر التي تستعمل لتحديد مفهوم للشعر الشعبي نذكر مايلي.
I- العروبية :
ظهرت العروبية (ARABICITE) كنتيجة عن الاختلاط بالوسط الحضري ويذكر "رجيس بلا سير" أن الوليد بن يزيد أثناء حكمه كان ينتقل بين القصور ولم يمل إلى حياة الصحراء ، إلا تقدير وإجلالا للعروبية التي كانت بمثابة الأصل ولما غير بنو امية نظام الحكم غيروا اتجاه العروبية حيث سكنوا القصور، و أتبعوا لهو المدن وغيروا أسماء القبائل كالقحطانيين والعدنانيين عرفوا لاحقا باليمنيين وأيضا بالقيسيين خاصة المشكلين العرب النازلين من وراء النهر فمثل ذلك الاختلاط أنشأطريقة موحدة وحدت نطقهم من أجل التفاهم.
ب- السحر والشعوذة:
ارتبط استعمال السحرمنذ القدم بتلك الطقوس و العادات البالية التي سجلت على ألواح البردى وعلى الصخور الحجرية و نقلتها الذاكرة من جيل إلى جيل ،نتيجة لنفاذ الشعر إلى عقول الناس فعندما كان الإنسان يقف أمام المنطق والظواهر عاجزا عن تفسيرها يلجأ إلى التأويل والتخمين و كأنه يحي الظاهرة في حد ذاتها .
لجأ القدامى إلى إرجاع الظاهرة الشعرية إلى قوة خارجة عن نطاق الإنسان عرفت بقوة "الجن و الشياطين "وعبروا عن ذلك بوادي عبقر1 الذي نسب إلى عبقر وأصبح كل من أشتهر في مجال ما عن غيره عبقريا .
ظل الشعر الشعبي مرتبط بالشياطين زهاء قرون عديدة و لم يكن ذلك اعتقاد العربي بل أعتقاد الإغريق هم الآخرون قبلهم، بأن هناك آلهة تتحكم في الشعراء وقد وصفهم أفلاطون " يلهمون إلى قول ما تدفعهم ربات الشعر إلى قوله " غير أن الحقيقة عكس ذلك عندما تبين أن الشعر هو إبداع نفسي كما عبر ذلك ميخائيل نعيمة الشعررافق الإنسان من أول نشأته و تدرج معه في مهد حياته حتى ساعته الحاضرة من الهمجية إلى البربرية إلى الحضارة إلى مدينة اليوم رافقها ويرافقها في الترحال في البطالة و البؤس و الرخاء والحرب "
عندما ننظر إلى وجهة نظرميخائيل نعيمة بخصوص مرافقة الشعرللحضارة فإننا نرى أن الشعر ظل بوقاولسانا وصحفيا ممتازا،نقل أثارالأقوام البائدة وحضاراتهم المتفردة بأمانة بل حتى الذاكرة الشعبية كان لها رصيد معتبر في رسالة الشاعر .
ج– الشخصية الشاعرية:
يرمز إلى الشخصية الشعرية على انها تحصيل المعرفة ولا يقصد بها تجميع الشهادات وإنما الوسائل التي قال عنها سوركين 1 بأنها جميع الأعمال القائمة حسيا وجميع الأشياء المادية والأساليب والقوى الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية التي يلجا إليها في عمليات الإظهار، وهي في حالة حركة داخلية تختلف من فرد إلى آخر، فقد تصادف شاعرا لم يدخل المدرسة وحصل شعره على شهرة فاقت الحدود كحالة أعمر حمر العين المقني،وبالتالي فإن تجميع العناصر الثلاثة " العروبية ، السحر و الشعوذة و شخصية الشاعر " يقودنا إلى تبني مفهوم المدرسة الرومانتيكية للشعر بأنه ليس فرعا من فروع المعرفة،بل المادة التي تكونت بها حياتنا ويستشهد عبد الرحمن شكري بتعريف مرآتي للشعر قال فيه :
و إنما الشعر مرآة لغائبــه هي الحياة فمن سوء و إحســــان
و إنما الشعر تصوير وتذكـرة و متعة وخيال غير خــــــوان
و إنما الشعر إحساس لما حققـت له القلوب كأقدار وحدثــــــان
و من كل معنى يروع الفهم طائلة معنى من ألحان في لفظ من ألحـان
صورة الشعر الشعبي تكون أكثر ميلا لوصف الحقيقة لأنها تحدث التقارب من الواقع بلغة مفهومة ومبسطة للتمعن، إذ لا يظهر في كامل تفاصيلها إلا إيجابيات الإتقان في إيصال المعنى ترتكز في بعض الأحيان على الموهبة ،التي هي ليست نتيجة من نتائج التعليم أو الثقافة الشعرية وإنما هي طاقة مخفية في الذات لأنه يوجد الكثير من يحملون معارف شعرية ولكنهم يجهلون قول الشعر،ويذكر أبي مدين الشافعي تعريف أن الشعراء لهم نفوس لا تشبه بقية النفوس ، فإنهم يجدون في الشعر قوة خفية تجعلهم يعبرون عما يجيش في خواطرهم و يعبرون عنه بكيفية "عجيبة ومؤثرة " وهو نفس التعريف الذي قدمه المرحوم محمد مصايف حين قال أن الشعر فن و أنه لذلك أثر من أثار العبقرية الإنسانية. فهو على خطاه الجميلة يعتبر حكمة على حد قول الرسول صلعم.
1- مفهوم القصيدة الشعبية :
يوجد شطرين علميين لأي تعريف أومفهوم فالشطر الاول هو المعروف بالمعنى الاصطلاحي او اللغوي ثم الشطر الثاني وهو المعني الصحيح للمفهوم ولهذا سنأخذ بالمبدئين مع بعض :
أ- المفهوم الاصطلاحي أو اللغوي :
يقصد بالقصيدة الشعبية اصطلاحا كل بناء متكون من وحدات صوتية في شكل كلمات عامية
( اللهجة المحلية )1 تلقى شفاهيا، يحتفظ بها التراث الشعبي وهوكلام جميل ممتع ومعبر يخزن فيه صاحبه ألوان الاستعارات والتشبيهات والمجازات الممتعة،ولا يخضع للوزن إلا نادرا فالوزن فضاء رباني أوكل للنفس على سبيل الموهبة يوصل إلى معاني يبلغها إلى الأخر بغية أحداث الأثر، وله فضل كبيرعلى النواحي الإنسانية لكونه حول شخصيات سالبة من البشر الى شخصيات فاعلة تعج بالحب والعاطفة.
ب- المفهوم المعنوي ( المعنوي) :
إن الشعر الشعبي معنويا هو كلام له صفات خاصة يذاع باللغة العامية جميل له سحر البيان يخضع لما يسمى باللغة واللغة هي الركيزة المهمة في عملية التواصل بين شرائح المجتمع وقد ورد في المعجم ان اللغة هي معرفة أوضاع المفردات تحتوي علي مجموعة إشارات دالة على حالتنا (2) كما هي بمثابة الف باء الفكر .
وتظهرعلاقة الشعرباللغة في ثلاث محاور منها المحور الاول هوان الشعر كلمات وحروف والمحور الثاني هو أن الشعر فكرة وافكار والمحورالاخير هو ان الشعر معنى،فاذا ما مثلنا العلاقة بالطريقةالتالية "كلمة + فكرة +معنى" يكتمل البناء اللغوي ،لان اللغة تشترط الكلام المتعارف عليه بين القوم والأمة والمجتمع ،فعندما نأخذ بارتباط مصطلح الشعر بالمجتمع يجعل المعني بين الشعر واللغة يتقاربان فكلاهما من المجتمع يذوبان في قيمه وسلوكاته والاما يسمى الشعرشعرا إلا لارتباطه بالشعور،وكلما كان الشعور مشتركا زادت يقضة الأمة بسبب انتشار التداول المعرفي لقيم الشعر بين الناس ،حتى هنا يمكن أن نتكلم عن شعرله علاقة بالمجتمع اوالامة وهو الشعر الشعبي و الذي يدخل في صلب ظاهرة الشعبية ومنهما كانت اللغة المستعملة للتعبير هي شعبية الا اذا ادخل عليها البناء النحوي اوالاعرابي،يجعل التمييز قائم بين ماهوفصيح خاص للتصويت اللغوي وبينما تفرضه اللهجة الشعبية المحدودة الجغرافية .
1- كلود ليفي ستراوس – الأنتردولوجيا – ترجمة مصطفى صالح –دمشق 1977 – ص 77
نمرالى ظاهرة اخرى التصقت بالشعر الشعبي هي ظاهرة اعرابية (النحوفي الشعرالشعبي ) على الرغم من غرابة ما قد يضنه القارىء فان العامي من الشعراء الشعبيين يحفظ مبادىء اللغة العربية الفصيحة (1)،ويكون عند نهاية مراحل تدرجه التعليمي الاولي قد مر بابجديات اللغة العربية، الشي الذي دعانا الى الاقرار ان الادب الشعبي من الصعب وصف لغته وعلى النقيض ذهب اخرون الى القول ان القصيد الشعبي اصبح متهورا لا يعني ما يقول بسبب الانحراف المعياري عن اصول اللغة . يظهر قول الاستاذ زكي الارموزي(2) ان اللسان العربي ذو بيان عضوي تتم فيه الكلمة عن المعنى وتوحي به الى احياء حياة ،حتى ان اتجاه المعنى هو الاتجاه المتغلب على اللفظة مما يجعل العامي اكثر استعداد من غيره لفهم الاخلاق و الديانة ، ومن خلال ما سبق نجد ان الظاهرة الشعرية الشعبية تتوفر على عدة عناصر ساهمت في المحافظة عليه ،و تتمثل هذه العناصر في مايلي :
- تطوير الانشغالات اللغوية ذات الاثر التخاطبي عند استعمال افعال الامر او الماضي.
- المحافظة على تقنيات السمع و الطباق و المحسنات البديعية الاخرى
- استعماله لتقنيات التشبيه بانواعه في معاني الجملة
- اعراب القوافي و المثون اعرابا صحيحا
- المحافظة على المصطلحات الاستثقافية واستعمالها استعمالا صحيحا كما سياتي ذكره في الاشكال .
- ادخال الكلمات العامية الى جانب الكلمات العربية : كما في قول
الجندي ياخوية ياقاري للواح طيح الطيارة مابين الصباح
الجندي يا خوية يا قاري العلوم طيح الطيارة مابين النجوم.
-----------
1- محمود ذهي – الادب الشعبي العربي مفهومه و مضمونه – ديوان المطبوعات جامعة القاهرة 1972-القاهر –ص 81 .
2 -زكي الارسوزي من مقال الدكتور- عدد فروع 222/223 و ص 11 وكفله سالم العلوي – دار الافاق – الجزائر
نقلا من كتاب الثورة التحريرية بدائرة مروانة – الدكتور دحو العربي ص 146
: مفهوم الشعبي:
يرتبط مفهوم كلمة "الشعبي" بمصطلح ”الشعب ” وهو مجموعة من الأفراد الملتفين حول هدف واحد او عدة اهداف ، يعيشون على إقليم متعدد و منفرد، تجمعهم خصائص مشتركة يحتوي على مشروع مثل العمارة والبطن والفخذ و العضلة، القبيلة والنزلة والعشيرة .
- مفهوم العامة :
يقصد ب "العامة " شيوع المواطنة، بصفة جماعية تتوحد كشخص واحد ،تذوب بين أوصاله كل المشاغل والمشاكل الاجتماعية فهي تعني للجماعة الملتحمة في مكان واحد يتفقون فيمابينهم على تحقيق مصلحة جامعة نسميها بالعامة ،مثلهم مثل الفلاحين الذين تكلم عنهم الإخوة جريم1 في دراسة الأسطورة .
- مفهوم العمومية :
يعتبرمصطلح "العمومية "مصطلحا سياسياواجتماعيا له علاقة بما يمارسه الأفراد و هو نفسه التعريف المطبق على التراث، فلا يمكن أن نتحدث عن التراث الشعبي دون المرور بمصطلح العمومية ،فالتراث هوروح العمومية ولايمكن فصله عنها أوعن المورثين ألاجتماعي والثقافي ، إننا نتكلم عن العمومية باعتبارها الشكل الدال الذي يحتوي على مدلول الشعب و يكون "الشعر" بينهما هو لغة الإعلام والإخبار و الاتصال .
- مفهوم الفلكلور :
يقصد بمفردة "الفلكلور" في الثقافة الشعبية مصطلح " الشعب أو الجماعة الصغيرة"المرتبطة بتحقيق مصالح معينة على حد ماوصفه روسو بالجماعة البشرية الأولى فهذه الجماعة هي روح ( العمومية )،إن الشعوب لا تحيا إلا إذا أنتجت أساليب تفكير تسمى بالتراث الشعبي الذي أوردت بشأنه الدكتورة نبيلة إبراهيم 1تعريفا مقبولا ينطلق من الطبقة حاملة التراث إلى الطبقات الأخرى ،ويعتمد شكلا حضاريا جديدا ثم يعود هذا القديم الجديد مرة أخرى إلى الطبقة حاملة التراث مكيفة وفقا لمتطلباتها ،دون أن يظهرتشهيرا بالفردانية ، وحتى نوضح فإن مصطلح العمومية هو نفسه مصطلح الجماعية .
إن كلمة فلكلور هي مزيج بين وحدتين (فولك )بمعنى الناس وهي ترجمة للكلمة الانجليزية folks ترمز إلى المعرفة والحكمة ،و بذا يكون الفلكلور حكمة الشعب ، كما تعني العلم الذي يدرس التراث الروحي للشعب و خاصة التراث الشفاهي وعرفه ” سبينوزا“ على أنه ذلك الفرع من المعرفةالإنسانية الذي يجمع ويصنف ويدرس بطريقةعلمية تفسيرحياة الشعوب وثقافاتها عبرالعصور وبالنظرإلى التعاريف المقدمة لا يمكن أن نتصور الفلكلور في شكل مادة مجموعة بل هو علم يدرس المادة الشفاهية وبذا يكون الأدب الشعبي إحدى الرواتب الحسنة لدراسة الفلكلورالشعبي ويوافق أصحاب اتجاه الأدب الشعبي ، بان الفلكلورهوالإبداع الشعري لجماهير الشعب العريضةو قد ترجم الفلكلورإلى اللغة العربية فصاريعني التراث الشعبي للتعبير عن كل إبداع شعبي بما فيه الشعر الشعبي.
إن مصطلح "الشعر" هو ملفوظ وبناء لكلمات ومفردات ذات طابع مقصود في الذات البشرية ترتبط بالتذوق والأحاسيس واللسان والمعرفة والثقافة ،يعبر بها المرأ عن أشياء موجودة تحياداخل ذاته ،ومهما اختلفت التعاريف ،فإن الشعر يبقى يترجم ماهو داخلي من تصورات وأفكار إلى الآخرين مستعملا مفردات اللغة ،ماقيل من تعريف للشعر فانه ينطبق على الشعربنوعيه العامي والفصيح يشتركان في نفس مجال القول الذي نعني به الأغراض وتتكون دلالة الشعر الشعبي من مفردة الشعبي.
يعتبر الشعرالشعبي مجموعة من كلمات مرتبطة ببيئة الشاعرالعامة يستخدم فيها الأساطير والمغازي والواقع المعاش بلهجة محلية يطرح فيها قضايا متنوعة في إطار إقليمي .
يقصد بالشعرالشعبي تلك التعابيرالمنظومة التي تؤدى بالكلمات أو الإبداعات الشفوية بلغة العامية أو الدارجة والتي كثير مالا تستعمل فيها حروفا في بعض الأحيان غير معجمه، كالتي ورد ذكرها في لسان العرب لابن المنظور, ومن بين العناصر التي تستعمل لتحديد مفهوم للشعر الشعبي نذكر مايلي.
I- العروبية :
ظهرت العروبية (ARABICITE) كنتيجة عن الاختلاط بالوسط الحضري ويذكر "رجيس بلا سير" أن الوليد بن يزيد أثناء حكمه كان ينتقل بين القصور ولم يمل إلى حياة الصحراء ، إلا تقدير وإجلالا للعروبية التي كانت بمثابة الأصل ولما غير بنو امية نظام الحكم غيروا اتجاه العروبية حيث سكنوا القصور، و أتبعوا لهو المدن وغيروا أسماء القبائل كالقحطانيين والعدنانيين عرفوا لاحقا باليمنيين وأيضا بالقيسيين خاصة المشكلين العرب النازلين من وراء النهر فمثل ذلك الاختلاط أنشأطريقة موحدة وحدت نطقهم من أجل التفاهم.
ب- السحر والشعوذة:
ارتبط استعمال السحرمنذ القدم بتلك الطقوس و العادات البالية التي سجلت على ألواح البردى وعلى الصخور الحجرية و نقلتها الذاكرة من جيل إلى جيل ،نتيجة لنفاذ الشعر إلى عقول الناس فعندما كان الإنسان يقف أمام المنطق والظواهر عاجزا عن تفسيرها يلجأ إلى التأويل والتخمين و كأنه يحي الظاهرة في حد ذاتها .
لجأ القدامى إلى إرجاع الظاهرة الشعرية إلى قوة خارجة عن نطاق الإنسان عرفت بقوة "الجن و الشياطين "وعبروا عن ذلك بوادي عبقر1 الذي نسب إلى عبقر وأصبح كل من أشتهر في مجال ما عن غيره عبقريا .
ظل الشعر الشعبي مرتبط بالشياطين زهاء قرون عديدة و لم يكن ذلك اعتقاد العربي بل أعتقاد الإغريق هم الآخرون قبلهم، بأن هناك آلهة تتحكم في الشعراء وقد وصفهم أفلاطون " يلهمون إلى قول ما تدفعهم ربات الشعر إلى قوله " غير أن الحقيقة عكس ذلك عندما تبين أن الشعر هو إبداع نفسي كما عبر ذلك ميخائيل نعيمة الشعررافق الإنسان من أول نشأته و تدرج معه في مهد حياته حتى ساعته الحاضرة من الهمجية إلى البربرية إلى الحضارة إلى مدينة اليوم رافقها ويرافقها في الترحال في البطالة و البؤس و الرخاء والحرب "
عندما ننظر إلى وجهة نظرميخائيل نعيمة بخصوص مرافقة الشعرللحضارة فإننا نرى أن الشعر ظل بوقاولسانا وصحفيا ممتازا،نقل أثارالأقوام البائدة وحضاراتهم المتفردة بأمانة بل حتى الذاكرة الشعبية كان لها رصيد معتبر في رسالة الشاعر .
ج– الشخصية الشاعرية:
يرمز إلى الشخصية الشعرية على انها تحصيل المعرفة ولا يقصد بها تجميع الشهادات وإنما الوسائل التي قال عنها سوركين 1 بأنها جميع الأعمال القائمة حسيا وجميع الأشياء المادية والأساليب والقوى الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية التي يلجا إليها في عمليات الإظهار، وهي في حالة حركة داخلية تختلف من فرد إلى آخر، فقد تصادف شاعرا لم يدخل المدرسة وحصل شعره على شهرة فاقت الحدود كحالة أعمر حمر العين المقني،وبالتالي فإن تجميع العناصر الثلاثة " العروبية ، السحر و الشعوذة و شخصية الشاعر " يقودنا إلى تبني مفهوم المدرسة الرومانتيكية للشعر بأنه ليس فرعا من فروع المعرفة،بل المادة التي تكونت بها حياتنا ويستشهد عبد الرحمن شكري بتعريف مرآتي للشعر قال فيه :
و إنما الشعر مرآة لغائبــه هي الحياة فمن سوء و إحســــان
و إنما الشعر تصوير وتذكـرة و متعة وخيال غير خــــــوان
و إنما الشعر إحساس لما حققـت له القلوب كأقدار وحدثــــــان
و من كل معنى يروع الفهم طائلة معنى من ألحان في لفظ من ألحـان
صورة الشعر الشعبي تكون أكثر ميلا لوصف الحقيقة لأنها تحدث التقارب من الواقع بلغة مفهومة ومبسطة للتمعن، إذ لا يظهر في كامل تفاصيلها إلا إيجابيات الإتقان في إيصال المعنى ترتكز في بعض الأحيان على الموهبة ،التي هي ليست نتيجة من نتائج التعليم أو الثقافة الشعرية وإنما هي طاقة مخفية في الذات لأنه يوجد الكثير من يحملون معارف شعرية ولكنهم يجهلون قول الشعر،ويذكر أبي مدين الشافعي تعريف أن الشعراء لهم نفوس لا تشبه بقية النفوس ، فإنهم يجدون في الشعر قوة خفية تجعلهم يعبرون عما يجيش في خواطرهم و يعبرون عنه بكيفية "عجيبة ومؤثرة " وهو نفس التعريف الذي قدمه المرحوم محمد مصايف حين قال أن الشعر فن و أنه لذلك أثر من أثار العبقرية الإنسانية. فهو على خطاه الجميلة يعتبر حكمة على حد قول الرسول صلعم.
1- مفهوم القصيدة الشعبية :
يوجد شطرين علميين لأي تعريف أومفهوم فالشطر الاول هو المعروف بالمعنى الاصطلاحي او اللغوي ثم الشطر الثاني وهو المعني الصحيح للمفهوم ولهذا سنأخذ بالمبدئين مع بعض :
أ- المفهوم الاصطلاحي أو اللغوي :
يقصد بالقصيدة الشعبية اصطلاحا كل بناء متكون من وحدات صوتية في شكل كلمات عامية
( اللهجة المحلية )1 تلقى شفاهيا، يحتفظ بها التراث الشعبي وهوكلام جميل ممتع ومعبر يخزن فيه صاحبه ألوان الاستعارات والتشبيهات والمجازات الممتعة،ولا يخضع للوزن إلا نادرا فالوزن فضاء رباني أوكل للنفس على سبيل الموهبة يوصل إلى معاني يبلغها إلى الأخر بغية أحداث الأثر، وله فضل كبيرعلى النواحي الإنسانية لكونه حول شخصيات سالبة من البشر الى شخصيات فاعلة تعج بالحب والعاطفة.
ب- المفهوم المعنوي ( المعنوي) :
إن الشعر الشعبي معنويا هو كلام له صفات خاصة يذاع باللغة العامية جميل له سحر البيان يخضع لما يسمى باللغة واللغة هي الركيزة المهمة في عملية التواصل بين شرائح المجتمع وقد ورد في المعجم ان اللغة هي معرفة أوضاع المفردات تحتوي علي مجموعة إشارات دالة على حالتنا (2) كما هي بمثابة الف باء الفكر .
وتظهرعلاقة الشعرباللغة في ثلاث محاور منها المحور الاول هوان الشعر كلمات وحروف والمحور الثاني هو أن الشعر فكرة وافكار والمحورالاخير هو ان الشعر معنى،فاذا ما مثلنا العلاقة بالطريقةالتالية "كلمة + فكرة +معنى" يكتمل البناء اللغوي ،لان اللغة تشترط الكلام المتعارف عليه بين القوم والأمة والمجتمع ،فعندما نأخذ بارتباط مصطلح الشعر بالمجتمع يجعل المعني بين الشعر واللغة يتقاربان فكلاهما من المجتمع يذوبان في قيمه وسلوكاته والاما يسمى الشعرشعرا إلا لارتباطه بالشعور،وكلما كان الشعور مشتركا زادت يقضة الأمة بسبب انتشار التداول المعرفي لقيم الشعر بين الناس ،حتى هنا يمكن أن نتكلم عن شعرله علاقة بالمجتمع اوالامة وهو الشعر الشعبي و الذي يدخل في صلب ظاهرة الشعبية ومنهما كانت اللغة المستعملة للتعبير هي شعبية الا اذا ادخل عليها البناء النحوي اوالاعرابي،يجعل التمييز قائم بين ماهوفصيح خاص للتصويت اللغوي وبينما تفرضه اللهجة الشعبية المحدودة الجغرافية .
1- كلود ليفي ستراوس – الأنتردولوجيا – ترجمة مصطفى صالح –دمشق 1977 – ص 77
نمرالى ظاهرة اخرى التصقت بالشعر الشعبي هي ظاهرة اعرابية (النحوفي الشعرالشعبي ) على الرغم من غرابة ما قد يضنه القارىء فان العامي من الشعراء الشعبيين يحفظ مبادىء اللغة العربية الفصيحة (1)،ويكون عند نهاية مراحل تدرجه التعليمي الاولي قد مر بابجديات اللغة العربية، الشي الذي دعانا الى الاقرار ان الادب الشعبي من الصعب وصف لغته وعلى النقيض ذهب اخرون الى القول ان القصيد الشعبي اصبح متهورا لا يعني ما يقول بسبب الانحراف المعياري عن اصول اللغة . يظهر قول الاستاذ زكي الارموزي(2) ان اللسان العربي ذو بيان عضوي تتم فيه الكلمة عن المعنى وتوحي به الى احياء حياة ،حتى ان اتجاه المعنى هو الاتجاه المتغلب على اللفظة مما يجعل العامي اكثر استعداد من غيره لفهم الاخلاق و الديانة ، ومن خلال ما سبق نجد ان الظاهرة الشعرية الشعبية تتوفر على عدة عناصر ساهمت في المحافظة عليه ،و تتمثل هذه العناصر في مايلي :
- تطوير الانشغالات اللغوية ذات الاثر التخاطبي عند استعمال افعال الامر او الماضي.
- المحافظة على تقنيات السمع و الطباق و المحسنات البديعية الاخرى
- استعماله لتقنيات التشبيه بانواعه في معاني الجملة
- اعراب القوافي و المثون اعرابا صحيحا
- المحافظة على المصطلحات الاستثقافية واستعمالها استعمالا صحيحا كما سياتي ذكره في الاشكال .
- ادخال الكلمات العامية الى جانب الكلمات العربية : كما في قول
الجندي ياخوية ياقاري للواح طيح الطيارة مابين الصباح
الجندي يا خوية يا قاري العلوم طيح الطيارة مابين النجوم.
-----------
1- محمود ذهي – الادب الشعبي العربي مفهومه و مضمونه – ديوان المطبوعات جامعة القاهرة 1972-القاهر –ص 81 .
2 -زكي الارسوزي من مقال الدكتور- عدد فروع 222/223 و ص 11 وكفله سالم العلوي – دار الافاق – الجزائر
نقلا من كتاب الثورة التحريرية بدائرة مروانة – الدكتور دحو العربي ص 146
: مفهوم الشعبي:
يرتبط مفهوم كلمة "الشعبي" بمصطلح ”الشعب ” وهو مجموعة من الأفراد الملتفين حول هدف واحد او عدة اهداف ، يعيشون على إقليم متعدد و منفرد، تجمعهم خصائص مشتركة يحتوي على مشروع مثل العمارة والبطن والفخذ و العضلة، القبيلة والنزلة والعشيرة .
- مفهوم العامة :
يقصد ب "العامة " شيوع المواطنة، بصفة جماعية تتوحد كشخص واحد ،تذوب بين أوصاله كل المشاغل والمشاكل الاجتماعية فهي تعني للجماعة الملتحمة في مكان واحد يتفقون فيمابينهم على تحقيق مصلحة جامعة نسميها بالعامة ،مثلهم مثل الفلاحين الذين تكلم عنهم الإخوة جريم1 في دراسة الأسطورة .
- مفهوم العمومية :
يعتبرمصطلح "العمومية "مصطلحا سياسياواجتماعيا له علاقة بما يمارسه الأفراد و هو نفسه التعريف المطبق على التراث، فلا يمكن أن نتحدث عن التراث الشعبي دون المرور بمصطلح العمومية ،فالتراث هوروح العمومية ولايمكن فصله عنها أوعن المورثين ألاجتماعي والثقافي ، إننا نتكلم عن العمومية باعتبارها الشكل الدال الذي يحتوي على مدلول الشعب و يكون "الشعر" بينهما هو لغة الإعلام والإخبار و الاتصال .
- مفهوم الفلكلور :
يقصد بمفردة "الفلكلور" في الثقافة الشعبية مصطلح " الشعب أو الجماعة الصغيرة"المرتبطة بتحقيق مصالح معينة على حد ماوصفه روسو بالجماعة البشرية الأولى فهذه الجماعة هي روح ( العمومية )،إن الشعوب لا تحيا إلا إذا أنتجت أساليب تفكير تسمى بالتراث الشعبي الذي أوردت بشأنه الدكتورة نبيلة إبراهيم 1تعريفا مقبولا ينطلق من الطبقة حاملة التراث إلى الطبقات الأخرى ،ويعتمد شكلا حضاريا جديدا ثم يعود هذا القديم الجديد مرة أخرى إلى الطبقة حاملة التراث مكيفة وفقا لمتطلباتها ،دون أن يظهرتشهيرا بالفردانية ، وحتى نوضح فإن مصطلح العمومية هو نفسه مصطلح الجماعية .
إن كلمة فلكلور هي مزيج بين وحدتين (فولك )بمعنى الناس وهي ترجمة للكلمة الانجليزية folks ترمز إلى المعرفة والحكمة ،و بذا يكون الفلكلور حكمة الشعب ، كما تعني العلم الذي يدرس التراث الروحي للشعب و خاصة التراث الشفاهي وعرفه ” سبينوزا“ على أنه ذلك الفرع من المعرفةالإنسانية الذي يجمع ويصنف ويدرس بطريقةعلمية تفسيرحياة الشعوب وثقافاتها عبرالعصور وبالنظرإلى التعاريف المقدمة لا يمكن أن نتصور الفلكلور في شكل مادة مجموعة بل هو علم يدرس المادة الشفاهية وبذا يكون الأدب الشعبي إحدى الرواتب الحسنة لدراسة الفلكلورالشعبي ويوافق أصحاب اتجاه الأدب الشعبي ، بان الفلكلورهوالإبداع الشعري لجماهير الشعب العريضةو قد ترجم الفلكلورإلى اللغة العربية فصاريعني التراث الشعبي للتعبير عن كل إبداع شعبي بما فيه الشعر الشعبي.